أثارت مسألة إبداء النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أوساط المجتمع جدلاً واسعاً بين الإماراتيين، خصوصاً بعد ظهور منتقدين يطالبون بحصر النصح على الجهات الرقابية الحكومية.

وانقسم رواد التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، حيث طالب بعض المغردين المقربين من السلطات بمنع المواطنين الإماراتيين من تقديم النصح والنهي عن المنكر، بذريعة أن ذلك سيؤدي لتماديهم في النصح، ووصولهم لنصح ولي الأمر، حد تعبيرهم.

في حين يرى البعض أن مسألة النصح والتوجيه الديني مسألة حصرية على الدولة دون غيرها، بينما على المواطنين الصمت حيال المنكر.

بالمقابل أيّد النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أوساط المواطنين طيف واسع من الإماراتيين، مستدلين بوجوب النصح بآيات من القرآن الكريم، وأحاديث نبوية.

وكانت صاحبة حساب "سارة" قد نشرت مقطع فيديو أكدت فيه أن النصح مسألة تكاملية بين المسلمين. وأكدت أن مسألة النصح تعد مسألة دينية وتربوية للأجيال القادمة الذين يخشى أن يتربوا على العادات الدخيلة على المجتمع.

ويشكل المواطنون الإماراتيون ما نسبته 10% فقط من إجمالي السكان، ما يثير المخاوف بشأن خطر اندثار العادات والتقاليد والقيم الإسلامية في أوساط الأجيال القادمة.

وقال الكاتب المقرب من السلطات أبوظبي خالد بن ثاني: "الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر متمثلين اليوم في المؤسسات الرقابية والتفتيشية ومن لديه صلاحية تقديم النصائح والإرشادات كالنيابة والمؤسسات الدينية وبقية المعنيين المعينين من قبل ولاة الأمر بشكل رسمي، ألا يكفي كل هؤلاء؟".

وجاءت تغريدة بن ثاني رداً على مواطن نشر قول الله تعالى ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].

وأضاف بن ثاني: "دورك كمواطن صالح إبلاغ المؤسسة المختصة للقيام بدورها حين تجد مخالفة، لأن محاولة التدخل في شؤون الناس دون صلاحية رسمية ربما يعرضك لردود قاسية وللضرب أحيانًا"

أما الكاتب المقرب من أبوظبي "حسين مشربك" فذهب إلى القول: "الآن تبدأون بنصيحة الناس علانية وغدًا تنتقلون إلى نصيحة ولي الأمر جهارًا نهارًا ..! هكذا بدأت في مكان آخر إلى أن تم لملمة شتاتها ولله الحمد. لا تكونوا أغبياء أقرأوا التأريخ جيدًا. مشاعر طفولية تأخذكم بعيدًا عن الحق".

ورد المحامي محمد إبراهيم البستكي على بن ثاني بسؤاله: "إذا في شخص يرتكب عمل أو معصية وهي في نظر القانون فعل غير مجرم، هل أكف عن نصيحته فقط لأن ما يقوم به غير مجرم؟ أم اقوم بنصحه بالحكمة والموعظة الحسنة خصوصا اذا كان شخصا أعرفه؟ ما الذي يمنع من ذلك؟ مع ملاحظة أن تقديم النصح لا يعتبر فعلا مجرما عندنا".

من جانبه أيّد "سعيد الكتبي" مسألة النصح بالقول: "أتمنى من الإخوة يجاوبون على:

• صليت في المسجد وبجانبك مصلٍّ آخر تنبعث منه رائحة تزعج المصلين أو مصلٍّ كثير الحركة أشغلك عن الصلاة..

تسكت ..تنصح .. تشتكي؟!!

رأيت أحد معارفك يشرب الخمر..

تسكت ..تنصح .. تشتكي؟!!

دخلت مقر عملك وشاهدت أحد الموظفين يفطر دون عذر..

تسكت ..تنصح .. تشتكي؟!!.

وأضاف الكتبي في تغريدة أخرى: " للأسف في عرف البعض أصبح:

الأمر بالمعروف ..جريمة.

النهي عن المنكر ..جريمة.

الدفاع عن الدين .. جريمة.

الالتزام بما أمر الله .. جريمة.

في المقابل.

فعل المنكرات.. حرية شخصية.

الطعن في الدين.. حرية شخصية.

الاستهزاء بعلماء الدين.. حرية شخصية.

الانتقاص من السنة النبوية.. حرية شخصية.

وأيّده في ذلك الصحفي صالح الجسمي، بنشر حديث النبي ﷺ : الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

ونشر الكتبي مقطعا مصوراً للإعلامية سماح العبار تتحدث فيه عن عادات سيئة خلال شهر رمضان، وتشير فيه إلى أهمية تقديم النصح للمجتمع.

وعلق الكتبي: "شكرا أختي سماح وجزاك الله خير على أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر والله يكثر من أمثالك.. لا يكره الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا مخرب صاحب هوى خبيث القلب مريض النفس".

وتقيّد السلطات في أبوظبي التربويات الإسلامية في البلاد، حيث تمنع تقديم الدروس الإسلامية أو تحفيظ القرآن في المساجد أو الخواطر بعد الصلوات إلا بإذن مسبق، ويقتصر على أشخاص مسجلين لدى الهيئات المختصة.

وفي نوفمبر 2021، حدثت السلطات عدة قوانين، بينها قوانين تقيد حرية التعبير في الإمارات بشكل أوسع.

واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أنه "مع أن التغييرات تسمح بتوسيع معتدل لمساحة الحريات الشخصية، إلا أن الإطار القانوني الجديد يُبقي على قيود صارمة على الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع".