أكد الرئيس الفرنسي، إمانويل ماكرون، أن الربيع العربي لم ينته بعد، مشيرا إلى أن تونس نجحت في تشكيل المجتمع المدني وضربت مثالا للآخرين.

وقال الرئيس الفرنسي في خطاب ألقاه أمام مجلس نواب الشعب التونسي الخميس (1|2): "نتحدث عن الربيع، الربيع العربي، عن الثورة، ويعتقد الكثيرون أن هذه الصفحة قد طويت، إلا أن تاريخ الربيع العربي لم ينته في تونس، التي بدأ منها عام 2011. صفحة الربيع العربي لم تُطوَ. وأنتم لا تزالون تعيشونها الآن". 

ومضى ماكرون قائلا: "لقد نجحتم في بناء المجتمع المدني، حين كان الكثيرون يعتبرونه أمرا مستحيلا. لقد دحضتم مزاعم أولئك الذين يقولون إن المجتمع الإسلامي لا يتماشى مع الديمقراطية"، مشيرا إلى أن "التونسيين قدموا نموذجا جيدا، في إمكانية التعايش بين الإسلام والديمقراطية والفصل بين الدين والدولة".

وعزا الرئيس الفرنسي نجاح الربيع العربي في تونس إلى مستوى التعليم قائلا: "ثورة الشعب التونسي كانت مختلفة لأن تونس اختارت أن تعلم شعبها بشكل مختلف عن دول أخرى".

وأكد أن تونس تحمل "مسؤولية هائلة" لأن "أنظار العالم العربي، والمغرب العربي، وكل شواطئ البحر المتوسط ترنو إليكم كتجربة مهمة وعليكم الإظهار أنكم تنجحون في ذلك"، مضيفا أن تونس علمتنا أن الديمقراطية والمساواة بين المرأة والرجل، ليستا حكرا على الضفة الشمالية للمتوسط".

ويقول مراقبون، إن مواقف كاميرون التي وصفوها بـ"المتقدمة" و "المهمة" سوف تشكل إزعاجا كبيرا لأبوظبي التي تسعى بكل قوة لإثبات فشل الربيع العربي وتحميله مسؤولية الفوضى وعدم الاستقرار ومذابح الأسد وانقلاب السيسي وجرائم حفتر، متجاهلة أن هذه السلوكيات أنتجتها الثورة المضادة وليس الربيع العربي.

ويستند المراقبون إلى ادعاءات سابقة للرئيس التونسي السابق المنصف المرزقي من أن أبوظبي تمول الثورات المضادة.

ويحفل الإعلام الإماراتي الرسمي والتصريحات الرسمية والتوجهات الأمنية والسيادية العليا والتعليم في الدولة بكل ما يسعى لتشويه صورة الربيع العربي وشيطنته بحسب متابعين.

وفيما يخص نجاح التجربة في تونس، فإن ما أشار إليه ماكرون، فإنه على طرف نقيض تام على ما تروج له أبوظبي خاصة في كتاب لجمال سند السويدي يحمل عنوان "السراب" الذي زعم فشل الإسلاميين من فهم الديمقراطية، ويصر على وجود تناقض جوهري بين السياسة والإسلام بصورة دفعته للطعن بالعقيدة الإسلامية وانتقاد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بحسب مطلعين.

وبنى السويدي مزاعمه في كتابه على فكرة أن الإسلاميين لا يؤمنون بالأدوات المدنية والسياسية لذلك، اسنتتج زاعما، إخفاق الربيع العربي وخيارات الشعوب عندما أتيح لها حرية الاختيار بنزاهة، على ما يقول مناصرون للثورات العربية.

ومن جانب  آخر، تتناقض تصريحات ماكرون مع مزاعم أخرى لسفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة الذي ادعى أن أبوظبي تسعى لقيام حكومات علمانية في المنطقة، معتبرا أن أقصاء الإسلام عن حياة الفرد هو العلمانية، فيما يرفض من المبادئ العلمانية والمدنية حرية التعبير وحرية الاختيار والتجمع وإطلاق مجتمع مدني، على ما يقول ناشطون. 

وبتصريحات ماكرون، عن التجربة التونسية، يقول مراقبون إن هذا الموقف يشكل دعما معنويا واضحا لخيارات الشعوب يتطلب من الرئيس الفرنسي خطوات عملية أكثر لدعم هذه التوجهات والكف عن التعاون مع أنظمة استبدادية في المنطقة مثل نظام السيسي المتهم بارتكاب جرائم حقوقية وجرائم ضد الإنسانية.

ومؤخرا نشبت أزمة بين تونس وأبوظبي، زعم فيها تونسيون أن موقف أبوظبي من نجاح الربيع العربي في بلادهم هي سبب هذه الأزمة.