أحدث الأخبار
  • 06:15 . غالبيتهم أطفال.. الخارجية السودانية: ارتفاع قتلى هجوم الدعم السريع على كدفان إلى 79 مدنيا... المزيد
  • 01:10 . كيف تحافظ أبوظبي على قربها من الولايات المتحدة بينما تتحاشى مواجهتها؟... المزيد
  • 12:50 . جيش الاحتلال يشن غارات عنيفة وينسف مباني سكنية بأنحاء متفرقة من غزة... المزيد
  • 12:46 . قتلى في تبادل لإطلاق النار على الحدود الأفغانية الباكستانية ليل الجمعة... المزيد
  • 12:40 . بينها الإمارات.. دول عربية وإسلامية ترفض حديث "إسرائيل" بشأن معبر رفح... المزيد
  • 12:20 . نيويورك تايمز: سيطرة الانتقالي على حضرموت تكشف مساعي أبوظبي لبناء هلال بحري على ساحل اليمن... المزيد
  • 11:51 . السعودية تطالب قوات تدعمها أبوظبي بالخروج من حضرموت بعد السيطرة عليها... المزيد
  • 01:26 . "التوطين": أكثر من 12 ألف بلاغ عمالي سري خلال تسعة أشهر... المزيد
  • 08:05 . حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة... المزيد
  • 08:05 . بعد مقتل أبو شباب.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال لتسليم أنفسهم... المزيد
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد

حاملُ المفاتيح

الكـاتب : ياسر حارب
تاريخ الخبر: 18-05-2016


مازلتُ أتذكره وهو يمشي ببطء بين فصول المدرسة، يحمل مجموعة كبيرة من المفاتيح في يده، يعرفها أكثر من معرفته بأسماء الطلبة، يفتح الفصول في الصباح، ويُغلقها في المساء، دون أن يُخطئ في مفتاح أي من الأبواب. كان صليلُ المفاتيح من بعيد يُشعرني بالهيبة، وبأن الحياة تدور بانضباط، وإيقاعها مُتّسِقٌ كاتساق المفاتيح في السلسلة.

كانت المفاتيح المعلقة في بنطال الحارس سُلْطَتُه المطلقة على المدرسة، هي صولجانه الذي، حتى عندما ينام، يحتفظ به في مكان آمن. كان أمن المدرسة ونظامها مرهونين بتلك السلسلة الكبيرة التي يمتشقها من بنطاله كأنها سيف حُسام، وكان المدير ونائبه وجميع المعلمين يرضخون لنظام حامل المفاتيح، فلو غاب يوماً لتوقفت الحياة في المدرسة.

عندما يرافقني في المصعد موظف إحدى شركات التوصيل ألحظ سلسلة مفاتيحه، فكلما كانت كبيرة أدركتُ أنه قديم في الشركة.

وقبل أيام كنتُ في ألمانيا، وبينما أنا أمشي في أحد الأزقة مرّ من أمامي حامل مفاتيح كبير في السنّ، فقلتُ في نفسي: «يبدو أن التقدم في السنّ هو، غالباً، الصفة المشتركة بين حاملي المفاتيح». لن تجد شاباً يحمل عشرة مفاتيح في سلسلة واحدة، شيء غريب، ربما لأن الشباب ما عادوا قادرين على الحفظ والاحتفاظ، فكل شيء محفوظ في هواتفهم، أما حامل المفاتيح، فيمكنه أن يُميّز مفاتيحه بمجرد مسح أصابعه على أسنانها.

تتعدد المفاتيح في سلسلته بتعدد همومه، إلا أنه لا يرفض أن يضيف إليها مفتاحاً آخر، تماماً مثلما لا يأنف الكريم إطعام فقير آخر، ربما لأن ذلك يمنحه قيمة في الحياة.

يُحكى أن الفنانة الأميركية، كيتلِن كروزْبي، احتفظت بمفتاح قديم أخذته من أحد الفنادق، وحفرت عليه جُملة «تصالَح مع أخطائك»، ثم علّقته حول رقبتها، ودون أن تشعر، بدأت بجمع المفاتيح ونَحْتِ كلمات تشجيعية عليها، ثم أخذت تهديها إلى الناس، وتدعوهم للبسها حول أعناقهم أيضاً، وكلما شعر أحدهم بأنه منسي ومُهمَل في الحياة، كالمفتاح، فما عليه إلا أن يقرأ ما كُتِبَ عليه ليشعر بالأمل والقوة. ثم طلبت منهم أن يهدوا مفاتيحهم إلى أصدقائهم المتعثرين في الحياة، للفقراء والمصابين بأمراض خبيثة، لدعمهم معنوياً. وفي أحد الأيام، وبينما كانت تمشي حزينة في أحد الشوارع، وتتساءل عن معنى الحياة، رأت على الرصيف رجلاً وامرأة وضعا لوحة أمامهما، كُتِب عليها «قبيحان، مُفْلِسان، وجائعان». دعتهُما إلى العَشاء، وفي وسط الحديث قالت لها المرأة إنها أحبت عقدها. عندها، اقترحت عليهما، كيتلِن، أن يتشاركا معها في مشروع صناعة هذه المفاتيح التشجيعية، فوافقا على الفور. بعد أشهر من بيع المفاتيح، استطاعا أن يستأجرا غرفة صغيرة تؤويهما من الشارع، ثم شقة، وبعد سنوات اشتريا بيتهما الخاص.

قبل مدة أهداني صديقي الشاعر زين بن بَيّه مفتاحاً حُفِرَ عليه بيته الخالد «سيَفْتَحُ الله باباً كُنتَ تحسَبُهُ .. مِن شِدّة اليأس لم يُخْلَق بمفتاحِ».

عندما حكيتُ لصديقي عن نُبْلِ حامل المفاتيح، سألني عن معنى المفتاح، فقلت له: «المحبة.. فهي فقط من تستطيع أن تفتح جميع الأبواب».