الحملة الوطنية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، صباح أمس، تحت شعار «أسرتنا متماسكة»، تصب في صلب الاستراتيجية الوطنية التي أُعلنت سابقاً، والتي تهدف إلى جعل الإمارات دولة متقدمة ومنافسة على مستوى التقنيات والخدمات الحكومية وجودة الحياة، هذه الحملة تكمل ذلك التوجه.
فنحن لا يمكننا أن نوفر كل تلك الخدمات، ونسعى لوضع قاعدة لصناعة منافسة، ثم نفكر في غزو الفضاء، ونبني الصحاري، ونقيم أفضل المطارات، ونمتلك أهم شركات الطيران والموانئ وغير ذلك، دون أن نكون قد أسسنا وانتبهنا واعتنينا بالركيزة الأولى للمجتمع: الأسرة بجميع أفرادها.
إن كل هذا الذي نسعى لتوفيره وتقويته ودعمه لن يكون له أي قيمة ما لم تستفد منه وتقوِّه وتحافظ عليه وتطوره أسر إماراتية قوية متماسكة.
لهذا، فإن الحملة التي أطلقها مجلس الوزراء، من أجل تثقيف وتوعية الجميع بأهمية التلاحم الأسري، تأكيد قوي لدور الأسرة في الحفاظ على الهوية والعادات والتقاليد والوجود الكامل للمجتمع في كل تفاصيله ومظاهره.
إن الآليات والتوجيهات والتوجهات المختلفة التي ستعمل على تحقيق التماسك لا شك تتغير وتتطور مع الزمن وتبدل الأحوال وعاصفة التحولات التي تعبرها المنطقة ويعبرها العالم، هذه التحولات والتأثيرات تصيب أول ما تصيب الأسرة في علاقاتها وفي تكوينها وأخلاقيات أبنائها، الأسرة هي المحطة الأولى التي إذا تم ضربها توقفت كل خطوط الحياة السليمة في المجتمع، وإذا تم دعمها وتقويتها وتزويد الأجيال المختلفة فيها بمخزون أخلاقي وإنساني سليم، فإننا نضمن مستقبلاً واستقراراً أكيدين، كما نضمن مجتمعاً محصناً من الداخل والخارج.
مجتمع الإمارات واحد من مجتمعات تواجه الأسرة فيها تحديات عظيمة، وتحديداً فيما يخص تربية الأطفال وتنشئة المراهقين، هؤلاء هم الأساس، الدولة تفعل وستفعل ما يجب عليها، من حيث برامج التعليم والإعلام والموجهات العامة، لكن الأسرة يجب ألا تتخلى عن دورها.
الأم يجب ألا تضع أولوية أمام عينيها أهم من تربية الأبناء وتنشئتهم خلقياً وإنسانياً، القضية ليست في تنشئة الأجساد بتوفير الطعام والماديات فقط، هذه تأتي في آخر سلّم أدوات التربية، الأولى بالأسر أن تنقل ميراث اللغة والدين والقيم والعادات والسلوكيات والتوجهات الصحيحة التي تحفظ الهوية وتهيئ للمستقبل بروح الغد وتحديات الغد وأدوات الغد، الأمر مهم واهتمام القيادة دليل حرص دائم ومتكامل بكل نواحي المجتمع.
