أحدث الأخبار
  • 06:15 . غالبيتهم أطفال.. الخارجية السودانية: ارتفاع قتلى هجوم الدعم السريع على كدفان إلى 79 مدنيا... المزيد
  • 01:10 . كيف تحافظ أبوظبي على قربها من الولايات المتحدة بينما تتحاشى مواجهتها؟... المزيد
  • 12:50 . جيش الاحتلال يشن غارات عنيفة وينسف مباني سكنية بأنحاء متفرقة من غزة... المزيد
  • 12:46 . قتلى في تبادل لإطلاق النار على الحدود الأفغانية الباكستانية ليل الجمعة... المزيد
  • 12:40 . بينها الإمارات.. دول عربية وإسلامية ترفض حديث "إسرائيل" بشأن معبر رفح... المزيد
  • 12:20 . نيويورك تايمز: سيطرة الانتقالي على حضرموت تكشف مساعي أبوظبي لبناء هلال بحري على ساحل اليمن... المزيد
  • 11:51 . السعودية تطالب قوات تدعمها أبوظبي بالخروج من حضرموت بعد السيطرة عليها... المزيد
  • 01:26 . "التوطين": أكثر من 12 ألف بلاغ عمالي سري خلال تسعة أشهر... المزيد
  • 08:05 . حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة... المزيد
  • 08:05 . بعد مقتل أبو شباب.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال لتسليم أنفسهم... المزيد
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد

إرث أوباما وإرهاصات الطوفان

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 22-03-2016


رفع رئيس الولايات المتحدة مظلته ولوح بيده وهو يقترب من التراب الكوبي لا يفصله عنه إلا سلم الطائرة، وبذلك انتهت مقاطعة استمرت 56 عاماً منذ أمم فيدل كاسترو الشركات الأمريكية العاملة في كوبا، قطيعة لم تكن إلى نتيجة لعلاقة تاريخية مضطربة، في القرن التاسع عشر خاضت الولايات المتحدة حرباً مع أسبانيا وانتصرت لضم كوبا، استقلت كوبا في بدايات القرن الماضي وبدأت بعدها علاقة غير مستقرة بين الدولتين تدخلت خلالها الولايات المتحدة أكثر من مرة لإخضاع كوبا، وأخيراً انتهت هذه العلاقة بالقطيعة بين الطرفين ومن ثم حرب خليج الخنازير التي خسرتها الولايات المتحدة وأزمة الصواريخ الكوبية التي كادت ترمي بالعالم في أتون حرب نووية، ومنذ ستينيات القرن الماضي مارس لوبي المعارضين الكوبيين في الولايات المتحدة ضغطاً متواصلاً للإبقاء على حالة الحصار الاقتصادي والسياسي على نظام كاسترو، واليوم انتهى ذلك العصر مع تدفق الشركات والمصالح الأمريكية إلى كوبا بعد أن أعلن أوباما تطبيع العلاقات بين البلدين.
أوباما وفريق الخارجية الخاص به وفي إطار قناعته بسيادة القوة الناعمة على التدخل العسكري سعى منذ اليوم الأول إلى تطبيع العلاقات مع الأنظمة المعادية للولايات المتحدة مثل كوبا وإيران وكوريا الشمالية، اليوم وفي الشهور الأخيرة من حياة هذه الإدارة طبعت الولايات المتحدة العلاقات مع عدوين من أعدائها الثلاثة البارزين، ولكن هل نجحت سياسة أوباما وعراب العلاقات الخارجية كيري في تحييد هؤلاء الأعداء؟ وهل هي فعلاً سياسة مرتبطة بتصفير الأعداء كما يسميها أحمد داوود أوغلو أم أن هناك بعداً آخر لهذه التحركات السياسية؟
تولى أوباما رئاسة الولايات المتحدة في مرحلة صعبة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، الولايات المتحدة كانت احتلت عسكرياً دولتين على الأقل وكان هناك توتر في العلاقات مع الشركاء عبر الأطلنطي، كل ذلك على خلفية أزمة مالية خانقة، وفي عهده الأول لم يفلح الرئيس الأمريكي في تنفيذ أي من وعوده بالسلم العالمي، بقي جوانتانمو مفتوحاً، لم تغادر القوات الأمريكية العراق وأفغانستان وبقيت إيران عدواً يطمح لسلاح نووي وفوق هذا كله بدأت روسيا تتمدد في الفراغ الاستراتيجي الناتج عن التردد الأمريكي، الملفت أن النجاح الوحيد الذي استطاع أن ينسبه أوباما لإدارته كان عسكرياً عبر اغتيال زعيم تنظيم القاعدة، وكان المسمار الأخير في نعش مشاريع أوباما الليبرالية المثالية الربيع العربي الذي وضع الولايات المتحدة في مأزق، فعلى الرغم من أن دعم الثورات يبدو متوافقاً مع مدرسة أوباما الفكرية الليبرالية إلا أن مصالح أمريكا الاستراتيجية وتخوف الساسة الأمريكيين من حرب عالمية ثالثة جعلت ردة الفعل الأمريكية مترددة ومهزوزة، وبعد أربعة أعوام من الإخفاق في تحقيق رؤيته عاد أوباما إلى البيت الأبيض ليبدأ فترته الثانية والتي تعتبر في عرف الرئاسة الأمريكي فترة الإرث، فالرئيس في هذه الفترة يستعد لتوديع الحياة السياسية وليس مرتبطاً بانتخابات قادمة أوطموحات سياسية مستقبلية تحد من قدرته على تنفيذ مشاريعه الجدلية، وهنا بدأ العداد بتحقيق إرث أوباما الرئاسي.
كان تعيين كيري مؤشراً لما هو قادم، الرجل من حمائم الديموقراطيين وكان ضد معظم التدخلات العسكرية الأمريكية كما قدم في كتاباته صورة لمجتمع دولي تسوده أمريكا بقوتها الناعمة وتفوقها «الأخلاقي»، ولم يخيب كيري توقعات المراقبين فعلى الرغم من تورط إيران في أعمال عسكرية مباشرة ضد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة إلا أن ذلك لم يمنع الخارحية الأمريكي من المضي قدماً في الاتفاق النووي حتى وقع ورفعت العقوبات عن إيران، وعلى الرغم من التدخل الروسي في أوكرانيا وسوريا لم تحرك الولايات المتحدة ساكناً، وبينما لم تقدم كوبا أي تنازل حقيقي لصالح الولايات المتحدة تطبعت العلاقات بين البلدين، ولكن في الوقت نفسه تزداد العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب والأتراك والأوروبيين توتراً على خلفية التردد الأمريكي في قضايا سوريا وأوكرانيا، ويتمدد أعداؤها في الفراغ السياسي الذي خلفته المثالية السياسية، باختصار وإجابة على سؤالنا الأول، ربما يكون أوباما قد نجح من حيث أنه سينهي رئاسته دون أن تدخل الولايات المتحدة حرباً جديدة إلا أن إرثه سيكون عالماً خطراً جداً بالنسبة لبلاده وحلفائها.
وهل هي فعلاً نية صادقة لتصفير المشاكل مع الأعداء؟ عرفت الولايات المتحدة خلال العقدين الأخيرين المدى الذي من الممكن أن تصل إليه كقوة عسكرية عظمى على مستوى العالم، فعلى الرغم من كونها القطب الأوحد إلا أن المغامرات العسكرية أنهكت الاقتصاد الأمريكي ولم تحقق السلم بل على العكس جعلت من الولايات المتحدة هدفاً سهلاً للجماعات المسلحة، الديموقراطيون والذين ينتمون إلى يسار الوسط كانوا في المجمل يعارضون الحلول العسكرية المباشرة ويرفضون تحمل الولايات المتحدة مسئولية أمن العالم منفردة، ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك عملياً؟ بكل بساطة يحتاج العالم أن يفهم أن الولايات المتحدة ليست معنية بالتدخل كلما طلب منها ذلك، كما أنها ليست معنية بنشر الديموقراطية بقدر ما هي معنية بمصالحها الخارجية، وعليه سعى الديموقراطيون عبر رئيسهم إلى رفع اليد عن العالم، ولكن حين رفعت تلك اليد خرجت من تحتها آلاف الأيادي تسعى لملئ الفراغ، واليوم يبدو أن الإدارة الأمريكية قررت أن هذه هي مشكلة الإدارة القادمة، والتي حسبما تشير الاستطلاعات اليوم تعتبر هيلاري كلنتون الأوفر حظاً لقيادتها، كلنتون خصم أوباما القديم في الحزب وتنتمي إلى صقور الديموقراطيين، بذلك يكتفي أوباما بإرث رمزي عبر الاتفاق النووي والتطبيع الكوبي، باختصار لسان حال أوباما اليوم «أنا ومن بعدي الطوفان».